زهراء قريع | موتٌ على قيد حب



موت على قيد حب(1)


كالنارِ التي أُشعلت داخل سيجارةٍ تحرقها مع كلَّ سحبةٍ، كان هذا شعوري عندما تفقدتُ هاتفي النقال بحثاً عن اسمه فلم أجد أي وميض لرسائلهِ
شيءٌ ما قد فتح أضلع وضم يدهُ إلى الداخل ليقبضَ على قلبي
وضعت يدي على صدري ألماً، الألم الذي كان يداهمني عندما أرى هاتفي مليئاً بالرسائلِ إلا منهُ
أتراهُ يذكرني خفيةً ويبتسم!
أم أن لساني منعقد عن غير ذكرهِ!
لطالما داهمتني الأفكار المعنية للنسيان في الآونه الأخيرة، أخذت أبكي عندما عجزت عن البكاء، بكت روحي حتى كُبّلت بجنازيرَ العذاب
كنتُ دائماً أحاول أن أكون أكثر قوة، أكثر صلابةً، وأكثر احتواءً
حتى ارتعاش أضلعي عندَ حديثك يعلمها الله، فما بالك بانقباض القلب في الغياب؟
لعلّ الشعور المبهم أنگ غزوت الوريد إلى أن سَكبت نفسك داخل الوتين
كيف سيغدو القلب دون ذكرك؟
وكيف أقنع أذني أنها لم تسمع صوتك، وأن عينيّ الهائمة بك ستحتاج لمصحٍ عقليٍّ بعدك
وكيف وكيف وكيف؟؟
عشراتُ الأسئلة لجواب عقيم
كنت أظن أنّك استبحت حرمة الغياب وأعلنتها دون سعيّ منّي لمعرفة السبب
إلا أن جاءني سيفٌ في الغمد يضرب به قلبي
نغمةُ الهاتفِ التي قطعت شرودي كقطع الشعرةِ من لُب العجين، لم تتبدل الثواني لدقائق ولم تتبدل الدقائق لساعاتٍ، بل توقفت الثواني عند ذويها تُنعي نفسها رثاءً،
عذراً سيدتي لقد توفيّ صاحب هذا الرقم تاركاً رسالةً لكِ وأنا قريبهُ
الصمت كان حاضراً فحسب وألف دمعة في المقل وقفت تُرثيني
(( مولاتي، وطفلتي المدللة، وسيدتي الحنونة، والأم الرؤوفة، يقال أن الذي يلاقي حدفهُ سيُنبئُ بخبرٍ يقين أن طيفاً سيغدو يصطحبهُ لمكانٍ بعيد عن هُنا، وها أنا ذا بصحبتهِ مفارقاً إياكِ كُرهاً ليس طوعاً، كنت آمل أن أودعك وداع المحتاج لمآوى لا يريد الذهاب منهُ، ألا يحق لي عناقك للمرة الآخيرة مولاتي!
بلى يحق لي أن أقبل جبينك اعتذاراً مُسبقاً عن هذا البُعد الذي سيصيبك، ولكن الله يعلم أن ما في اليد حيلة سوى الدعاء، وأنا لم أكن لك هنا ، ولكن سأكون لك هناك، أعلمُ أن أدمعك تتدفقُ كالشلال هكذا عهدتك، رقيقةُ الطبع حادةٌ في الغيرةِ، مبتسمةَ الثُغرِ، منقبضةَ القلب في البُعد، إيّاكِ أن أكون سبباً في حزن عينيك الحالمتين، أو ارتجاف يديك في برد الحنين، ثقِ تماماً لو كان بإمكاني لأخذتُك بملء يداي على أجنحةِ الملائكة أضعكِ، وأقول لهم ذهِ منكم وأنتم منها، ملائكة مجتمعةٌ فتنيرين الأرضَ وتبددين في قلبي أشعة الحُب والأمل، أنتِ لا تعلمين كم كلفني هذا كي أكتب لكِ بأسطرٍ عجزت عن خطها، وبأدمعٍ بكت وبكت حتى ماتت قبل الجسد، فالوصف فيكِ يتيمُ الأحرف والكلماتِ، لا تبكِ فأبكي، ولا تحزني فأحزن، ولا يصيبك مكروهٌ فأُصابُ أضعافهُ، لا أريد أن أختم تلك الكلمات التي ستقرأينها بعينيك الدامعتين، ولكنّ نهايتي قد بدأت حينما رحلت عن هنا لبيتٍ صغيرٍ يكاد يتسع لجسدي المُشتاقِ لكِ ))
أحبكِ مولاتي





زهراء قريع


إرسال تعليق

2 تعليقات