تَحتَ غُبار الذكريات"
تَحتَ غُبار الذكريات، وتحتَ جُفون السنين أيّامٌ نائِمة، ربما لَن تَحيا وبالطبعِ لا، ولكـن تحيا دونها الذكريات ،وتحيا معها ضحكة مأسورة خلف قضبان الحـنين، مأسورة منذ أن نامت هذهِ الأيـّام، ضحكة باتت خاليةٌ الفَرح ،مليئة الحُـزن، بينَ ثلاثة جُدارن جِدار الشـوق، جِدار الحنين، وجِدار الألم، كلما اِرتطم رأسي بها ازدادت معاناتي، وتضاعفت أحجامها، ضحكة باتـت خالية الفرح ،مليئة الحزن، مولودة من رحم الذكرى تكوينا كوياً أشبه بـجمرة، توّلد الأوجاع، وتوّلد الآلام، وتبني داخلنا الحسرات.
أَأنفض الغبار عن هذه الذكريات أم أتركُ آثارها تعبث بـملامح وجهي؟
هل يمكننا أن نُعبّر عنها وهي تصور لنا كيف كنّا وكيف أصبحنا؟ تصور لنا طفولتنا وبرائتنا، تعزف على إيقاع المواقف نغمات الطفولة والبراءة والشقاوة ،نغمات تتصف بالبساطة، تصور لنا الماضي وتحرمنا من تذوقه، تصوره لنا ماء نحتاج له في شدة ضمأنا ونكتشف أنه سرابا ،تتركنا نحلم ونبحر في أحلامنا لينتهي حلمنا بعدما صدمنا في صخرة في القاع ثم نصحو وبات كل شي حلماً بعد أن غرقنا غرقاً لا نجاة منه، من يخبر الماضي أنـه كان أجمل ما نعيشه رغم قساوة بعض أيامـه ،ورغم أن تمنينا أن تمضي بنا الأيّام مسرعة، ياليتنا كنّا قد حظينا بنبذة عن مستقبلنا الذي كنا نتشوق له حينها لما ترددنا بعيش حاضرنا بكل مرة، كأننا نعيشه الأن فقط للوقوف على أطلال الذكريات لدرجة أننا نجعل من حولنا يمل ولا نبالي من كثرة تكلمنا عنها ولانمل لأن المواقف لاتدوم بل الذكرى هي من تدوم .
مالنا كلما طرقت الذكرى بابنا نهرول مُسرعين لِفتحه؟ هَل غلبنا الحنين أم انتصَر علينا الشوق؟ هل كُتبَ علينا العيش تحت كنف الماضي أم كُتِبَ لنا العيشَ مع الآهات والأحزان؟ ياترى من نَلوم أنلوم أنفسنا التي أبَـت أنْ تعيش لذّة الحاضر إنْ كانت لـهُ لذة!
إلى متى نعيش الواقع المرير مع أننا نعلم أنه لايؤذينا بل الذكريات السَعيدة التي تهدمُ القلبَ رغم بهجتها تهدمه بمجرد أنْ يَخطر على بالنا أنها لن تعود،
هـكذا دائما تخذلنا الذكريات لِدرجة أنّنا نَجلبُ الشـَفقةَ لأنفُسِنا.
"نور الحسن"

0 تعليقات