سلام الخطيب | دع الخيال لأصحابه



الخيالُ هو العدوُّ الأوَّل لحلفاء الواقع، حيث سيفعلون مهما كلَّفهم الأمر لإبطال صحَّته، ربَّما هو كذلك حقَّاً ولكن ما المانع أن ننتشي بسعادةٍ من الخيال،ِ إن كانت ستضيف نكهةَ تقبُّلٍ لخباثةِ واقعنا.
لن يطرأ تغييرٌ على مسارِ الأحداثِ، إن جمَّلناها بلمسةٍ خياليَّةٍ تجعل منَّا أحجاراً أشدّ قوَّة للوقوف على رقعةِ المعركة.
"عودي بعقلكِ لأرضنا قبلَ أن تسقطي عليها بلهاءَ محطَّمة "
هذا ما قيل لها.
لكنَّها تابعت بأفعالها، وكانت كلَّما كست وجهها مسحة من الحزن، راحت تغرق بالكتب لتغوص بتفاصيلها الخيالية.
إنها حوَّاء.
الحذقة اللمّاحة، أختُ الحلمِ والعلم، صديقةُ الكتاب، سريعةُ الحساب، تحفظُ من القرآن ما تيسَّر لها، مطَّلعةٌ على الفلسفة والمنطق.
إن قام إعصارٌ للورقِ فهي عينه، وإن كان هناك أباً للخيال فهي بنته.
تملكُ من الخصر نحيله، ومن الشَّعر طويله، ممشوقةُ القوام، قليلةُ الكلام، فهي لا تتكلم إلا عند الحاجة، حتى لا تقطع جمال صمتها.
“صدمةُ السادسة “
أنتِ هناك أرني وجهكِ، تمهلي إلى أين ذاهبة؟.
استدارت الفتاة الواقفة في نهاية الممر وهي تصرخ: أنتِ أنا، أنا أنتِ، نحن أهلُ الأوهام يا فتاة.
بدأت الأمور تختلط رويداً رويداً، حتى أن ذكريات الماضي قد ظهرت بغبارها من جديد.
الواقع والحاضر يمتزجان مع الذكريات كلوحةٍ مريعة، وأشياء ومواقف مجهولة تُضاف للقائمة أيضاً، عساهُ المستقبل جاء؛ ليندسَّ في ثغرات هذه اللوحة.
وفي ظلِّ صدمتها من الموقف، جاءها صدىً ليضاعف عليها الارتباك:
"سنديانٌ يجمع الفصول،
طيف آدميٍّ سيزينُ الموقف،
إياكِ والاقتراب،
أيا حوَّاء لا تتمردي؛
حتى لا تكوني لعنةً لخروج آدم!
قوانين الخيال تنصُّ على أنّ طيفاً سيمكث في حجره للأبد
وتدخُّلك يعني خروجه من المسكن والمصير المحدد له.
الاجتماع عند السنديان
سيتحقق من تلقاء نفسه
لكنَّ وجودك وحده من سيدفعه للتحقق
لا تكترثي لأقاويلهم، وامزجي الوهم مع الحقيقة.
اصنعي عقارك الخاصّ الذي سيهوّن عليكِ الحياة!
-أيا حواء- كوني سيِّدةً للخيال".
استيقظت على صوت المنبّه الذي يشير إلى أن الساعة قد أتمت السادسة، تململت وهي تشعر كأنها قد أمضت سنواتٍ من الجري المتواصل.
"ماذا حلَّ بي، ما هذا الحلم الغريب؟
ربَّاه أعنِّ فإنِّي لا أذكر شيئاً مما رأيت"
تناهى إلى مسمعها الجملة الأخيرة،كررتها بذهنها لمراتٍ عديدة:
"تحقُّق ماذا؟ أين ومتى سيتم ذلك؟ أأنا سيدةٌ للخيال؟ من هو الآدميّ؟ من هو طيف وما هو موقعه من الحلم أساساً؟ صوت من ذاك الذي اخترق حلمي؟"

تعمَّقت بأفكارها قليلاً، مستنجدة بذاكرتها علَّها تستطيع تذكُّر تفاصيل الحلم، إلى أن وصلت أخيراً للسنديان، فما كان منها إلا أن تقوم مسرعةً؛ لترتدي ثياباً تناسبُ الجولة التي ستقوم بها، فالبلدة الآن تودُّع الشتاء حتى ترحب بربيعٍ لايزال في طريقه إليها.
الجو خارجاً ماطرٌ بشكلٍ هادئ، والشمس تأخذ مساحتها من السماء أيضاً، انطلقت مسرعةً باتجاه الغابة الواقعة على بعد أمتارٍ من منزلها، كان ذهنها خالياً من كل شيءٍ ومتفرغاً لحلم السنديان،وصلَت الغابة أخيراً حيث الأشجار الكثيفة المبللة، وأشعة الشمس التي تتمرَّدُ من بين أغصانها؛ لترسم خطوطاً ذهبيةً متشابكة على التراب، قوس قزحٍ يضيف لمسة فريدة على هذه اللوحة الإلهية.
تابعت تدرُّجها بين الأشجار، وأنهت جولتها بالقرب من سنديانة باشقه الطويل، لم تتوقف حواء لمجرد أنها صادفت شجرة اسمها كالذي جاء في الحلم،ولكنَّ غرابتها هي من جعلتها تقف مندهشة قربها.
" محض خيال "
(حواء مخاطبة للشجرة).
-نحن الآن في أواخر الشتاء، كل الأشجار خالية من الأوراق تماماً، وأنتِ وحدكِ تحملين بعضاً منها،الثلج لا يزال يعتلي قليلاً من أغصانكِ أيضاً، بالرغم من أن الربيع لم يبدأ، إلا أنك تحملين أكاليل بيضاء نقية، فمن أين جئتِ بها؟ العلم برمته لم يذكر في طيِّاته ولو حرفاً عن وجود شيءٍ كهذا.
أهكذا نرمي بعلومنا إلى الجحيم عند مصادفة الخيال؟
آلآن حلمي وحقيقتي أمسوا شيئاً واحداً.
خطَرَت لها تلك التَّعويذة من جديد:
"سنديان يجمع الفصول، طيف آدميّ سيزين الموقف ".
شاهدت بضع ورقات من الشجرة بدأت تتهاوى وتسقط أرضاً،
صوتٌ من الداخل جاء يكلمها:
لا تتمرَّدي حواء
لا تكوني لعنة آدميّ
حواء تراجعي
استديري وعودي أدراجك
لم يفتِ الأوان بعد
تريد أن تركض ولا تستطيع؛ شيءٌ ما يمسك بقدميها لتتشبث أرضاً، والصوت داخلها يحذرها من جديد.
-ما باليد حيلة-
هول الصدمة قد تمكن منها، وهي تنظر أمامها مكفهرَّة الوجه، تغشاها نظرةٌ ما بين الذهول والخذلان.
ففي البداية حلمٌ وفي النهاية حقيقة، وفي المنتصف تقف هي متكتفة اليدين، وتبعد العقلانية كل البعد عن المشهد الحاصل ها هنا.
-هيهات.
-هيهات أن أنجو، وأنا التي أغرق الخيال طفولتها، أتُلاقي حتفها اليوم على يد شجرة!
خلعت الشجرة ما تبقى من أوراق ترتديها أغصانها ورمت بها قرب أقدام حواء لتُريها مَدى صِدق هذه اللحظة.
-لمَ أتيتِ هنا؟
ألم تحذرك الرؤيا من هذا الاجتماع؟
استغرقت دقائق حتى استعادت وعيها، أفمن أين للأرض أن تحمل على كفِّتها ملاكاً كهذا؟
أمعنَت النظر بهذا المخلوق الماثل أمامها، كيف كانت تطغى عليه هالة ملائكية لم تكن لتراها برجلٍ من أهل الأرض، واسع العيون جميلها، أبيض اللون كثلج الشتاء، بشعرٍ أسودٍ كحلكة الليل ينسدل فيغطِّي منكبيه العريضين، كان هادئاً كبركانٍ يترقَّبُ انتفاضته.
نظر إليها بشيءٍ من اللوم، وكأنه يحثُّها على الكلام.
بدأت تتلعثم وتصفُّ الأحرف علَّها تجيد الرَّد.
-في موقفٍ كهذا كلُّ أحرف اللغة ستصبح هباءً منثورًا، معلم اللغة سيصبح كأنه لم يسمع بوجودها يوماً.
-ألن تجيبي يا فتاة؟
-أ ... أن. أن... أنا حواء.
-سيدة الخيال.
استعادت قليلاً من قوتها لمجابهة الموقف ومتابعة الحديث.
-لم أقصد!
كنت سأرحل ولكن عندما بدأت أرى التغير الحاصل على الشجرة، أحسست للحظة أن قوتي قد حالت واستحالت
-إنكِ الآن قد قمتِ بإخراجي من مرقدي الأبدي، وبقائي على الأرض محدد، فأنا إن أُخرجت من هذه الشجرة مصيري الاختفاء يا حواء!
-أنا يا سيدي..
-آدمٌ هو اسمي.
-يا آدم، بالرغم من حبي لقراءة الخيال، إلا أنني لم أؤمن بواقعتيَّه يوماً، كنت أطير مع الخيال إلى ما وراء
الأفق، إلى عالمٍ ملأه السلام، حيث السعادة خاتمة لكل قصة، والخير يقتل الشر، الحرب مصيرها المنفى، والحب ملك البلاد.
صادفت أثناء قراءتي للكتب أشجاراً كهذه، صادفت أطيافاً وأوهاماً، لكن أن أراها تحلُّ على أرضي،فهذا ما لم أستطع استيعابه إلى الآن، أن أُصبح لعنة على طيف، أكاد أُجُن !
-لديّ الآن مهلة إلى منتصف الليل، إن استطعت أن أعود إلى أرضي قبل انتهاء هذه المدة فأنا في سلام، لكن إن لم يحصل هذا فأستخفي من العالمَين، لا طيف آدميٍّ سيبقى ولا آدمي، سأختفي من الوجود يا حواء.
-لدينا متسع من الوقت، لا تزال الساعة السابعة والنصف صباحاً.
-ولكن يا حواء.
- ماذا هناك؟
-لا عليكِ، هنالك شيء كنت سأشرحه لك، لكن لن تفهميه إلا إن رأيته بأمِّ عينك.
-أهو مكان؟
-شيءٌ كذلك.
-هيا بنا فالوقت سريع المضي صدقني.
-هناك في عالمنا لا داعي لحساب الوقت، كل ما في الزمن موقفان، منتصف الليل، ومطلع الفجر أيضاً.
-الوقت شيءٌ مهم يا آدم، فلولا وجود تلك الساعات التي تنبهنا بنفاذ الوقت، وهي تأكل الدقائق بنهمٍ شديد؛ لكان عمرنا ضاع ونحن لا نزال في غفلة من أمرنا.
-نحن لا نحصي أعمارنا هل تصدقي؟
حدَّقت به حواء قليلاً ثمَّ نطقت:
-جئت باندفاعةِ رجلٍ ثلاثينيّ!
-ربما كذلك، هناك كثير من المفاهيم تختلف ما بين عالمينا، والآن دعينا نرحل، سنشق طريقنا من بين الأشجار، فإن رآني أحدٌ غيرك صدقي أن أمري قد انتهى.
-طريقنا إلى أين؟
-في قريتكم شلال، أليس كذلك؟
-بلى هناك.
-خذيني عنده.
-طريقنا مستقيمٌ في الغابة، هيَّا ترجَّل وأنا سأمضي خلفك.
" أتكلّم نفسك"
عبرتُ طريق الغابة وهي تتبعني.
كانت مختلفة عن بقية الفتيات، وكأنها أمضت حياتها وهي تمشي بين الأشجار.
فأنا كنت أمشي،أتعثر، أقف، وأتابع المسير، وهي لا تقف إلا عندما تقوم بانتظاري.
جبليةٌ بامتياز، بينما أنا طيفٌ يتجسد بآدمي لأول مرة.
تُرى هل كان ألكسندر يعرف أنَّ مصيري أن أرى الأرض وأهلها لذا أطلق عليَّ اسمَ آدم؟
من أنتِ يا حواء؟
ماذا سيحلُّ بي إن لم ألحق الباب المؤدي لعالمي؟
-سنصل للمكان الذي طلبته يا آدم، ماذا ستريني هناك؟
-من يعلم أيُّ حتفٍ سأواجه إن لم يخرج أمير الخيال إلى الصيد اليوم؟
اللعنة اللعنة.
-ألم تسمعني؟ تلعن من؟ أتكلم نفسك؟
حرَّكت يديها أمامه حتى استعاد وعيه.
-شارداً كنت، بماذا تفكر؟
-في اللاشيء.
-حسنًا، لا أودّ أن أعرف، قلت لك أننا سنصل.
-استعدي لمفاجأة من صنع قريتكم، ولكن إياكِ أن تخبري أحداً عنها.
-أنا أعمقُ من أعمقِ بئرٍ، فاطمئن.
"ما وراء الشلال"
-وأخيراً رأيت البوابة من طرفكم، هنا يا حواء خلف هذا الشلال توجد بوابة للخيال، وهمية بالنسبة إليكم لأنها من خيال، حقيقية بالنسبة إلينا لأننا من خيال، ولكن لم يجرؤ أحدٌ منَّا على الاقتراب منها يوماً.
خلف هذه البوابة يمتدُّ نهر لم يصل إليه أحد سوى أمير الخيال، وفي الضفة الأخرى من النهر يقع بابٌ آخرٌ وهو باب قريتنا.
-عليكَ إذاً أن تصل للباب ذاك؟
-تماماً.
-هل لك أن تريني شيئاً مما وراء الشلال؟
-أملك قوةً تجعل منك خيالاً لمدة ثلاثين دقيقة فقط.
-كيف؟
-كل طيف يدخل جسد بشري، يوجد على رقبته علامة، إن لمسها إنسان فسيحدث التبادل، أي أن طيفي سيدخل روحك فتمسين خيالاً، وهذا يمكنكِ من العبور في هذه البوابة.
-هذا رائع.
-ولكن هناك عواقب.
-طغى الخوف على ملامحها، ونطقت:
ما هو؟
-إن دخلت من هذه البوابة ورآك أحدٌ هناك.
؛توقف قليلاً، ألم تقل إنَّ هذا المكان فارغ وأنَّ قريتكم خلف البوابة الأخرى؟
-انتبهي لبقية كلامي.
- قلت لكِ بأنَّ الأمير ربما سيكون هنا اليوم، ووجوده هو من سيسهل عليَّ العودة.
-أخاف أن يراكِ أحد جنوده.
-لا تخف سأكون حذرة، ولن يتجاوز دخولي بضع دقائق، سألقي نظرةً فضوليةً وأعود، أرجوك أدخلني.
" إنَّ الخيال مليءٌ بالخيال "
باغتها آدم بحركته، أمسك يدها وضغط على علامة التبادل.
حاوطتهم ألوان الطيف من كل الجهات، سقطت فوقهم قطراتٌ من الندى، قطع بيضاء كالثلج الأبيض غمرتهم، وأخيراً عاد الجو كما كان؛ لترى آدم مستلقٍ على الأرض، أكلت الدهشة جزءاً من عقلها، نظرت على انعكاسها الظاهر في المياه أمامها.
-لا زلت كما أنا!، يا لغفلتي!، أتأمل نفسي بينما الوقت يمضي.
ركضت مسرعة باتجاه البوابة التي ظهرت عند الشلال، وما إن فُتِحَت.
-أهذا حلمٌ أم حقيقة؟ يا رباه، أكلُّ المستحيلات خيال؟
نظرت إلى العشب كشخصٍ يراه لأول مرة في حياته، لم يكن عادياً، يتلون بتدرجٍ مثيرٍ للدهشة، كمن سلَّم علبة الألوان لطفلٍ فلم يترك لوناً إلا وخطَّ به في هذه الرقعة.
راحت تعدو على العشبِ حافية القدمين كدهشةِ صغيرٍ يقف على قدميه لأوَّل مرة.
الطفولة قد تملكتها لتكون مخرجة المشهد.
مشت ومشت وجلست أخيراً لتُبَلِل قدميها بماء النهر، كانت المياه أيضاً تستفيض ألواناً، فتارة تأتي موجة باللون القرمزي، وتارة أخرى يتموَّج النهر بلون الذهب-يا إلهي!- إن الخيال مليءٌ بالخيال!
"قلت احذري أخشى عليكِ الفناء"
نست موضوع العودة بشكل تام، حتى جاء صوت جندي ليعيدها إلى حقيقة الأمر.
نهضت وهي تتعثر بنفسها من نفسها، وركضت باتجاه الباب قبل أن يعلم أحد بوجودها هنا.
ما إن خرجت حتى أحاط الضباب بها، لم تكن وحدها في هذه الدوامة، بل آدم كذلك، حدث التبادل من تلقاء نفسه،اعترتها موجة من الحزن، هل ستفقد آدم الآن؟
"حقيقةٌ لا خيال"

-نسيت أن أخبركِ شيئاً، إن حدث التبادل فسأُسحب قسراً إلى أرضي وسيرمون بي في السجن، لو باستطاعتهم لكانوا طردوني من الخيال لأني أفشيت بأسراره، ولكنها قوانين قد فرضت منذ الأزل.
لا تحزني عزيزتي، فمصير المسجون هو أن يخرج من سجنه، لكن فرصتك لرؤية شيءٍ من أرضنا لن تُتاح لكِ مرة أخرى.
حواء، سعيدٌ بالتعرف على بشريةٍ مثلك، مسرورٌ لأنني صادفت حواء لا غيرها من فتيات الأرض
اغرورقت عيناها بالدموع وأجهشت بالبكاء.
-ليتني طيفٌ مثلك يا آدم، ليتني أعيشُ الخيال لليلةٍ واحدة، فماذا لو حاورتني النُّجوم لمرَّة؟ بينما أنا متَّكِئةٌ على حرفِ القمر، والسَّماء تغطِّينا بوشاحِها العتيق، أيُّ ليلةٍ ساحرةٍ ستكون؟
ليتني مِن خيالٍ، فالخَيال يحتوي الواقعيّة، لكنَّ الواقع ينكِرُ الخيالَ وروعته يا آدم.
-عزيزتي حواء، الخيالُ جميلٌ، ولكن تبقى للواقع نكهتُه الخاصَّة.
-النَّكهات الخاصَّة لها أنواع، ونكهة الواقع أشدها مرارة يا آدم.
-ذقتِ من المرارة ما يكفي، اذهبي إلى الأرض ِبعزيمةِ يا حواء، ستذوقين طعم النجاح الحلو بالنهاية، ولا تتمني أن تكوني طيفاً يوماً.
فها أنا طيف!
أما من حقي أن أملك قسطاً من الانتماء ولو لجذع شجرة؟
الواقع يصعقني والخيال يطردني فأين أسير؟
اذهبي فأرض الواقع ستحتويكِ.
إلى اللقاء حواء.
تمهَّل آدم.
لم يسمعها، فقد كان يُسحب إلى عالمه وهو يدندن لها بصوته العذب:
"مثل حكايات الخيال، لكنْ انتِ حقيقة."
"محض صدفة"
فتحت الممرضة الباب وأطلَّت برأسها:
ها قد استيقظتِ، مباركٌ عليكِ مولودك الجديد، أيُّ اسمٍ ستطلقين عليه سيدتي؟
وضعت طفلها في حضنها بحنانٍ وتعمَّقت بعينيه.
آدم.
آهٍ كم أحبك يا آدم!
تناهى إلى مسمعها صوت التلفاز المتواجد بالغرفة.
خبرٌ عاجل: تم إلقاء القبض على المبرمج العربي الشهير آدم؛ نظراً لأنه قام باختراق حواسيب أمنِ الدولة والكشف عن بعض المعلومات السِّريةِ المختزنة داخلها.
-ترى هل سيُطلَق سراحكَ قريباً يا آدم!
-هل تكلمين نفسك سيدتي؟
ضحكتُ ببلاهةٍ وقلت:
لا عليك مني، دعي الخيال لأصحابه.




ـ النهاية


بقلم: سلام الخطيب


إرسال تعليق

0 تعليقات