منه رضا | أولد من جديد



ولدتُ من رحمَ الألم، لقد احترقت وأصبحت رماداً... وها أنا من رمادي أولدُ من جديد.
"كدنا من كثرة التجاوز أن نتجاوز أنفسنا" فلمن ستتركني؟ هل للحزن يأخذني أم للحنين الذي لا يتركُني؟
لا تسألُ الليل عن دمعيِ وعن حزني، أيرحلان وما دام في قلوبنا حنين ؟! أيرحلان وما دامت تفرقنا بلاد ْكبيرة؟!
فعقلي وعى لكن مازال قلبي لا يعي..
أصبحتْ لا أرىَ ضوء الشمس منذ ُيوم الرحيل، آتساءل هل يوجد للبعد نهاية أم هكذا يقول الكثير!

فراقك لا يُحتمل، وأخاف أن لا أراك من جديد، هل يوجد لحبك نهاية أم هكذا يظن الجميع؟

إنني أحترق ولكن في داخلي جليد، هناك َشيء في قلبي انطفئ للأبد، شيٌء لن يعود كما كان مهما فعلتْ!
في إحدى الليالي المظلمة، نظرت نظرة إلى السماء، فوجدتك نجمة تلمُع وسط الظلام فسميتك "نجمة أحزاني".
سئلت يوماً لماذا سميتكِ نجمة أحزاني هل قلبي منطفئ أم ما زال منير؟
رددتُ قائلة : "الذي نام والأحزان تخنقه وهمه في ظلام الليل يشقيه، سيهون الله على قلبه الحزين ويملؤه نورا ويرويه ".

علمتني الأيام أن أكون مع نفسي ولنفسي للأبد وأنّ لا أحتاج لأحد، ففي كل ضيق لم يكن لدي صديق.
"وكل الذينَ مال لهم قلبي أمالوه".
ظننتك ِحباً لا مثيل له وتباهيت بك، لكنك خذلتني وكانت نهاية ذلك الخّذلان أن أمحيك من قلبي وأرميك خارجه.
لم يكن التجاوز سهلاً، فقد أخذ مني الأمر لحظة لأنكسر وعدة سنين لأشفى، فكيف للقلب أن يتقلب هكذا دون منبه، دون رنة تحذير... قالبا كل شيء رأساً على عقب!

كلما هربت من فخَ تعثرت ُبفخ آخر حتى نسيتُ أي فترة كنت أقصدها عندما كنتُ أقول "سوفَ تنتهي". ولكن اكتشفت أن الشيء الوحيد الذي انتهى هو انا!
وأمرت نفسي أن تتماسك حتى ظننت أنني جماد لا ينبغي له مطلقا أن يشعر أو يعلن أنه "يعاني ويبالي"،
فكنت دائماً حريصة على إبقاء مسافة بيني وبين الآخرين، والمرة الوحيدة التي سمحت فيها لأحد بالاقتراب مني كانت حين سمحت لك، ومازلت ُأدفع ثمن ذلك بطريقة هادئة لكنها مؤذية جداً.
في نهاية الأمر ضعت ليس لأنني لا أعرف الطريق بل لأن الطريق الذي أعرفهُ خانني ولم تعد "كل الطرق تؤدي الى روما"... فطرق المداخل الواحدة صارت عدة متاهات،
وما كان يخيفني دائماً ألا يكون لدي في النهاية أي سبب جدي للعيش... كنت كمن يذوب ويتحلل في الحال، وشعرت بأني لم أعد موجودة، فهناك نوع من السأم لا يمكن مقاومته، هناك كارثة روحية رهيبة...

أما بعد لم أنتظرُ منك ِأي شيء ولم أطلب منك أي شيء، كل ما كنت أريده أن أشعر بقلبك معي لا أكثر، ولكني تجاوزت كل شيء بقناعة تامة، وكل شيء تجاوزته بقناعة لا يركبني ضجيجه.

قد أحرقتني وحولتني إلىَ رماد، وها أنا من رمادي أولد من جديد، نعم لقد ولدت من رحمَ الألم ولكن نهاية ألميِ كانت انتصاري على كل شديد.

بقلم: منَه رضا


إرسال تعليق

3 تعليقات

  1. ماشاء الله عليك حرفياً كلامك فيه كمية مشاعر و كميه الم و انتي تقولي الكلام مو طبيعي و الله واضح جداً قدامك مُستقبل مُبهر جداً اتمنى اني اشوفك يوم من الايام محققه حلمك و وصلتي للشي الي تبغيه و الله يوفقك بكل شي💕💕💕.

    ردحذف
  2. ما شاء الله تبارك الرحمن كلمات ولا اروع ، واضح بتكونين من افضل الكتاب في المستقبل ، الله يوفقج ❤️

    ردحذف
  3. بجننن بجننن يعني منجد تسلم يدك ع هالمقال وربي يوفقج وتكونين احلا وافخم كاتبه🥺💜💜💜

    ردحذف