العطاء كلمة جميلة تحمل الكثير من المعاني وتمنح بمختلف الوسائل، وتترك أثرًا طيبًا
في النفوس والأماكن.
ومن أجمل العطاءات هي عطاءات اللّٰه للبشر، فتلك العطاءات لا تُقدر بمقاييس ولا أوزان ولا أثمان، فهو المالك لخزائن الكون وملكوته، وقد تعددت عطاءات اللّٰه للبشر منذ خلق الكون، فأعطى من فضله أشياء حسية وأُخرى معنوية؛ جعلت الكون والحياة بأبدع صورة. ولو أردنا أن نعدد عطايا اللّٰه لما وسعتها صفحات الأرض كافة.
ما هو العطاء في حياة البشر ؟
وهل للعطاء عمر يحدده ؟
هل يبقى الإنسان قادرًا على العطاء ولو تقدم به العمر ؟
بعض الناس يصاب بالإحباط واليأس متى ما بلغ عمر الأربعين وظهر في رأسه بعض البياض، فيشعر وكأن العمر انتهى أو شارف على الانتهاء؛ فيلبس عباءة الكسل والهموم ويجلس ينتظر النهاية التي لابد من قدومها، فالموت هو الحقيقة الوحيدة في هذا العالم التي لا يمكن إنكارها، والموت هو الوفي الوحيد الذي لا يتأخر عن موعده، فهل تتوقف المسيرة ويجف جدول العطاء عند هذا الحد ؟
هل علينا أن نقيس العمر بالسنين ؟
هل في مسيرة الأرض والبشرية مؤشرًا على أن السن هو المقياس الذي يجب أن يتم به قياس العطاء والإفادة ؟
ما الذي يفترض بنا أن نفعله إذا تجاوز أحدنا الأربعين سنة وخط الشيب رأسه ؟
تتكون حياة الإنسان من مراحل متعددة فهو يتطور من مرحلة النطفة واللاوجود حتى يشب ويشيب بعدد من المراحل العمرية المختلفة، والتي تكون حياته فيها تتشكل وتكبر ويكبر معها، فربما كبر معه حلمه !وربما كبر معه همه !وربما عاش ماضيًا وحاضرًا لم يتغير..!
وهل للعطاء عمر يحدده ؟
هل يبقى الإنسان قادرًا على العطاء ولو تقدم به العمر ؟
بعض الناس يصاب بالإحباط واليأس متى ما بلغ عمر الأربعين وظهر في رأسه بعض البياض، فيشعر وكأن العمر انتهى أو شارف على الانتهاء؛ فيلبس عباءة الكسل والهموم ويجلس ينتظر النهاية التي لابد من قدومها، فالموت هو الحقيقة الوحيدة في هذا العالم التي لا يمكن إنكارها، والموت هو الوفي الوحيد الذي لا يتأخر عن موعده، فهل تتوقف المسيرة ويجف جدول العطاء عند هذا الحد ؟
هل علينا أن نقيس العمر بالسنين ؟
هل في مسيرة الأرض والبشرية مؤشرًا على أن السن هو المقياس الذي يجب أن يتم به قياس العطاء والإفادة ؟
ما الذي يفترض بنا أن نفعله إذا تجاوز أحدنا الأربعين سنة وخط الشيب رأسه ؟
تتكون حياة الإنسان من مراحل متعددة فهو يتطور من مرحلة النطفة واللاوجود حتى يشب ويشيب بعدد من المراحل العمرية المختلفة، والتي تكون حياته فيها تتشكل وتكبر ويكبر معها، فربما كبر معه حلمه !وربما كبر معه همه !وربما عاش ماضيًا وحاضرًا لم يتغير..!
خلال الأربعين عامًا الأولى يتشكل ويتعلم ويتدرب ويسعى وهو يبحث عن نقطة يقف عندها ليرتاح ظانًا أن بتقدم العمر يخف الحمل والثقل عليه فما إن يصل الأربعين؛ حتى يشعر وكأن الوقت قد فات ولم يعد أمامه متسع لشيء يفعله !بينما الحقيقة هذا العمر من عمر الإنسان هو نقطة انطلاق جديدة للبدء بالحياة.
قال تعالى في سورة الأحقاف:
( حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً )
( حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً )
وهذا دليل على أن سن الأربعين هو البلوغ الفعلي فيبلغ أشده ويقوى عوده، وينضج عقله، ويتعلم من تجاربه وتجارب غيره، وهنا عليه أن يقف وقفة مع نفسه ثم يتذكر ما مضى خلال أربعين سنة!وماذا تعلم واكتسب وتجاوز ووثب، وكيف وصل لهذه المرحلة، وما الذي عليه أن يقوم به الآن؟
ولم تنتهِ الآية بعد
( قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ)
سبحان اللّٰه العظيم.. !وقفة شكر للّٰه على نعمه وعطاءاته، على حفظه له في مسيرته ومراحله، على نعم منحت له لا تعد ولا تحصى. نعم عمت حياته وحياة والديه الذين رافقاه مسيرة طويلة امتدت أربعين سنة أو بعضًا منها.
( قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ)
سبحان اللّٰه العظيم.. !وقفة شكر للّٰه على نعمه وعطاءاته، على حفظه له في مسيرته ومراحله، على نعم منحت له لا تعد ولا تحصى. نعم عمت حياته وحياة والديه الذين رافقاه مسيرة طويلة امتدت أربعين سنة أو بعضًا منها.
وهنا كيف سيكون نوع الشكر الذي عليه أن يقدمه للّٰه.. ؟وما العمل الذي يمكنه أن يشكر اللّٰه من خلاله.. !فهل مثلًا ينقطع بقية عمره للعبادة.. ؟أم يسجد للّٰه أيامًا ويقضي بقية عمره صائمًا قوامًا زاهدًا فيما بقي من حياته.. ؟!
والحقيقة هي أنه الآن بدأ مسيرة عطائه، والآن أصبح قادرًا على العمل الحقيقي بعد خبرات اكتسبها وتعليم وتجارب.
بعث اللّٰه نبيه بالرسالة وعمره أربعين سنة، وهذا دليل آخر على أن هذا العمر هو عمر الجد والاجتهاد والبناء والتحمل، فكان _صلى الله عليه وسلم_ على قدر من المسؤولية التي كلفه الله بها واستطاع خلال ثلاثة وعشرون سنة من إكمال بناء دولة الإسلام الأولى بعد خوضه معارك وغزوات وقيادته لخير جيل على وجه الأرض.
والحقيقة هي أنه الآن بدأ مسيرة عطائه، والآن أصبح قادرًا على العمل الحقيقي بعد خبرات اكتسبها وتعليم وتجارب.
بعث اللّٰه نبيه بالرسالة وعمره أربعين سنة، وهذا دليل آخر على أن هذا العمر هو عمر الجد والاجتهاد والبناء والتحمل، فكان _صلى الله عليه وسلم_ على قدر من المسؤولية التي كلفه الله بها واستطاع خلال ثلاثة وعشرون سنة من إكمال بناء دولة الإسلام الأولى بعد خوضه معارك وغزوات وقيادته لخير جيل على وجه الأرض.
وبالعودة لاستكمال الآية الكريمة
(وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ )
(وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ )
نجد تحديد نوع الشكر الذي على الإنسان أن يقدمه للّٰه والذي تمثل في العمل الصالح الذي يرضي اللّٰه عز وجل، فمن المؤكد أن هذا العمل لو كان مجرد عبادة خاصة يلتزم بها ولا يلتفت لقضايا ومصالح الناس لن تكون بنفس القيمة ولا الأجر مما لو كانت في خدمة الناس والمجتمع والبشرية.
فالفعل المتعدي نفعه للجميع أفضل عند اللّٰه من العبادة الخاصة من صلاة تطوع وصيام وحج وغيرها.
فالفعل المتعدي نفعه للجميع أفضل عند اللّٰه من العبادة الخاصة من صلاة تطوع وصيام وحج وغيرها.
ثم يختم اللّٰه جل الآية بدعاء العبد لنفسه بإصلاح ذريته وأبناءه ويعترف بتوبته بعد عمر قضاه في مراحل ربما تخللها كل أنواع التقصير في جنب اللّٰه، فيعلن توبته ويشهد على نفسه بالإسلام للّٰه؛ لأن العمل يحتاج إخلاصًا تامًا لينتفع به وينفع غيره، فقال تعالى:
(وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)
[سورة اﻷحقاف 15]
[سورة اﻷحقاف 15]
وبعد هذه الوقفة علينا أن نكون قد أدركنا معنى العطاء وزمنه وثمنه وعمره، فلا تجعلوا سنين عطائكم محدودة بسن أو لون أو مقياس، مادام في العمر بقية، وما دامت الأنفاس تهبط وتعلو، وما دام العقل واعٍ مدرك. فكم من عالم ناقش مسألة وهو يحتضر.. !وكم من إمام قطع الصحاري والقفار بحثًا عن حديث.. !وكم من بطلٍ جاهد بعد عمر الخمسين وقدم دمه وروحه رخيصة للّٰه تعالى.. !
وقد سُئل الإمام أحمد حين قال له
أحدهم وهو يراه يجري لحلقات العلم: "يا أبا عبد اللّٰه، إلى متى وأنت بهذا السن، وإمام للمسلمين.. ؟ فرد عليه الإمام أحمد رحمه اللّٰه مع المحبرة حتى المقبرة".
وقد سُئل الإمام أحمد حين قال له
أحدهم وهو يراه يجري لحلقات العلم: "يا أبا عبد اللّٰه، إلى متى وأنت بهذا السن، وإمام للمسلمين.. ؟ فرد عليه الإمام أحمد رحمه اللّٰه مع المحبرة حتى المقبرة".
بقلم: ياسمين الشامي
أزرق | العدد الثالث
1 تعليقات
سلمت يداك ، لو تفكرنا في آيات القرآن كما فصلتي في هذه الآية لما كنا على حالنا هذه الايام . فعلا كم غابت عنا معاني هذه الآية .
ردحذف