الطريقُ إلى جرمانيا




- انثَال الضوءُ إلى الخندقِ، و وَقعَ على جُدرانِه ِالرّمليّةِ وبعض ِالطوبِ الإسْمنتيّةِِ المُستخدمة ِكوتد ٍلتَدعيمِه. كانتْ الشّمس ُملتهبة، كالتهابِ القلوبِ تلك اللحظةِ . خوفٌ يَشوبُه التّرقب ُوتتوغلُ بهِ ثقةٌ مرتبكةٌ . القواتُ الفرنسيةُ متأهبةً على طولِ الحدودِ مع بلجيكا، ينتظرونَ أيَّ خطوةٍ مجنونة ٍللقوات ِالألمانيّة ِ – الفيرماخت – وقد تكًهّن جِنرالاتُ الجيشِ الفرنسيِّ بأنّ الألمانَ سيُهاجمونَ منْ جِهة ِالشّمالِ لبلجيكا، كما فعلُوا في الحرب ِالعالميِّة ِالأُولى، ممّا أثارَ راحتَهم حيثُ أن ّالغلَبةَ كانتْ للفرنسيِّنَ في ذلك الوقتِ. أخْرَج راؤولُ زجاجةَ الماءِ وشرع َيرتَشف ُمنها، فتَدخلُ الى جوفهِ باردةً عذبةً ، وتتساقطُ قطرات ٌمنها لتتزحلقَ على أطرافِ شفتيه ِوتقعَ إلى الأرضِ دونَ أن تعيقَها وجودُ لحيةٍ . نظرَ إليهِ جيف مُتسائلاً ( ماهي النِّهايةُ؟ ) سؤالٌ مبهم ٌالجواب ُفلسفيا ًومنطقياً، فلم يكُنْ يَلوحُ في خيالِ العساكرِ نهايةٌ غير ُالموتِ، بينَ براثن ِالوحوشِ الألمانيّة. تحامَل راؤولُ على تلك الأفكارِ، وحاولَ أن يُشجع َجيف ويمنحَه بعضَ الثقةِ .
- (ستكونُ الغلبة ُلنا ) في الطرفِ الثاني كانَ " مانشتاين " الاقطاعيّ البروسيّ ، والجنرالُ في جيشِ هتلرَ، يُعِد ّخُطة ًذكية ًلها فرصة أكبر في النجاحِ . وهي خِداعُ القواتِ الفرنسيّةِ ِ، والغزو من ناحيةِ " لوكسمبورغ " وغابة ِ" أردينيز " وبالفعلِ كانتْ القوّات ُالألمانيِّةُ قد ْاحتشدت ْفي تلك َالمنطقةِ . شرَعتْ أسرابُ اللوفتفافه – سلاح ُالطيرانِ الألمانيِّ – في المناورةِ الهوائيَّةِ . ودلفَتْ عشَرات ٍمنها في سماءِ فرنسا، مُنقَضةً على أهدافِ الفرنسييّن قُرابةَ مدينة ِ" سيدان " لم ْتكن ْالإصاباتُ دقيقةً، لكنّها كانت ْضربةً نفسيَّة ًقاضيةً

للجنود الفرنسييّن. ارتفعت ْجلبَة ُالجنودِ، وهرَع َبعضُهم لِيحتميَ داخلَ السواترِ الرمليّةِ . كانتْ كتلُ النارِ تتصاعدُ جرّاءََ القصفِ. راؤول أمسكَ بجيفَ من الخلفِ، وقدِ انكفأَ بجسدِه نحوَ الأرضِ، خوفاً من صواريخ ِاللوفتفافه الوحشيةِ . اعتمدتْ قوات ُالفيرماخت على ما سمّته " الحرب ُالخاطفة ُ" معارك ٌسريعةٌ يجتاحُ بها المدنَ، وكأنّهم وحوش ٌمفترسةٌ . وكانتْ أكثرَ الأسلحة ِإثباتاً لحُضورها، هي المدرعات ُالسريعةُ ودباباتُ " بانزر " و " جوستاف " الثقيلةُ والضخمةُ. فجأةً كانً الألمانُ قد بدأُوا الغزوَ من طرفِ غابةِ أردينيز. تفاجأت ِالقوات ُالفرنسيةُ من ذلك الهجومِ، وهرعتْ تتصدى بكلِّ بسالةٍ لهجوم ِآلة ِالموتِ الألمانيَّةِ. انكسرتْ خطوط ُالدفاعِ الأماميَّةِ ، وتوغلَ الجيش ُأكثر َداخلَ الحدودِ . كانتْ مدرعاتُ (بانزر )تقصفُ بكلِّ سلاسةٍ تجمُّعَ القواتِ . لكن ْما لم ْيصدِقْه عقلٌ، حيويةَ الجيش ِالألمانيّ، الذيّ كانَ ينغمسُ بكلِّ بسالةٍ في قواتِ العدو. وكانَ ذلك َسلاحاً سرياً استخدمَتْه قواتُ الفيرماخت .
- " ميثامفيتامين " عقارٌ استخدَمهُ النّازيون لصناعةِ وحوش ٍألمانيَّة ٍبحقٍ. حيثُ كانَ يستطيع ُالجنديُّ الواحدُ أنْ يبقى مستيقظاً لثلاثةِ أيامٍ ولياليّها. هيّأَ راؤول بُنُدقيَّتَه، وأخذَ يقنص ُالجنودَ أمامهُ، ويلوك ُلهمُ الشَّتائمَ. جيف كان َيرتعدُ خوفاً، ويضعُ يديّه حولَ رأسِه وهو َينوحُ ويجوحُ، كأم ٍثكلى فقدت ْولدهَا.
- جيف هيا لا تكن ْجباناً. – لا أستطيعُ.. لا أستطيعُ...
- ستموتُ اذاً، سنموتُ كلُّنا بسببِك.
- تقدَّم نحوَه ُوجثى بقربِه.
- من أجل ِتريسي، ستُقاتلُ من أجلِها هي. انّها تنتظِرُك هيّا كن ْشجاعاً.
- تريسي زوجة ُجيف، وأمٌ لطفلتِه. كانت ْتبكي حين َودّعته. لم تكنْ مستعدةٌ ابداً لأن تفقِدَه، وتعيش َمع طيفهِ في الأحلامِ والهواجسِ فقطْ.
- تحامَلَ على نفسهِ، وأمسكَ بسلاحِه بيدٍ مرتعشةٍ، وهزيلةٍ. نظرَ بعينيّه السوداويتين الى العدوِ، الذيّ كان َيمخر في الأرضِ وكأنّه سفينةٌ تشقُ العبابَ. أطلق َرصاصةً وهو مغمّض العينَ، ثمّ انهارَ وسقطَ . كانت القواتُ الفرنسيّة مُنهارةً تماماً، على ضدِّ الجنودِ الألمانِ، الذين ازدادو بسالةً وعزيمةً . ثلاثةَ أيامٍ فقط ْكانتْ كفيلة ًبكسرِ الحدودِ، وتوغّل قوات ِ(الفيرماخت) بمناطقٍ شاسعة ٍفي فرنسا، حتى وصَلوا لباريسَ بعد أقلِ من شهرينِ من بدايةِ المعركةِ. راؤول وجيف وبعضُ أصدقائِهم وقعُوا في الأسرِ، أسْرٌ لم يدُم ْطويلاً. جَمعتْ القواتُ النازيةُ آلافَ الأسرى في غابةِ( أردينيز )وتمَّ إعدامَهُم بوحشيةٍ، وأُلقِي َبهم في حُفَرٍ كبيرةٍ، وأُلقيَ ببعضِهم في إِبالة، وحُرق البعض ُالأخرُ. حتى أن ّالموتَ ذُعِر وخافَ من وحشيّتهم. توقفتِ المعاركُ في بعضِ الأحيانِ، لكن بقيتِ رائحة ُالموتِ تضُوع في رحاب ِالتاريخ ِإلى اليومِ .
- وقفَ هتلر داخلَ حلِمه الطفوليِّ، المدينةُ التي خلبَت لبَّه، وسرقتْ كلّ تفكيرهِ، (باريس) كان هتلر يحفظ ُكلّ زاويةٍ فيها، وكأنّه ولد َفي أحياءِ تلك المدينةِ. وكان َمعهُ المهندس ُ" ألبير سبير " الذيّ رسمَ مخططاً لعاصمةِ الإمبراطورية ِالنازية ِ(جرمانيا) والتي حاكتْ مدينة باريس بجمالهَا، وأثريتهَا. والتي بقيَت حلماً عصيّّاًً، وغصَّّةً في قلب ِ" أدولف هتلر "
- وثائقُ الحربِ العالميَّة ِالثانيَّةِ "نيتفلكس "
- ويكيبيديا





محمد مؤمن الرمضان


إرسال تعليق

1 تعليقات