رسائل لن ترسل










المرسل إليه: إلى أحدهم.





التاريخ:19/4/2020





الرسالةُ رقم.... ، صراحةً لم أعد أقومُ بعدّ الرسائل مؤخراً فقد باتت كثيرة بعد ما ملأتُ ثلاثة حقائبٍ وصندوقين.





ليلةٌ ربيعيةٌ جميلة الجوُ فيها مفعمٌ بالسكينة ونسماتُ الهواء تداعبُ أضلعي وصولاً لقلبي، وعلى هذا اجتاحتني رغبةٌ جامحة في مناجاتك يبدو أنّ هذا الهواء مُخضّبٌ بالشوق بدلاً من الأوكسجين حتى انقضت عليّ نوبةُ الحنين شديدةً هكذا.





الساعة الثالثة فجراً بتوقيت دمشق والثالثةُ حباً بتوقيت قلبي.





تصطفُ أمامي فناجينُ القهوة التي تجرعتها بنهمٍ ظناً مني أن مادة الكافيين داخلها ستمنعُ خلايا مخي عن التفكير بك أو تمنحُ أعصاب يدي أمراً برميّ الهاتف بعيداً حتى أكفّ عن قراءة محادثاتنا التي تخلو من المشاعر ولكنني تعلقتُ بها وبكل حرفٍ منها.





مازلتُ مستمرةً في ضخ الكافيين في جسدي علّها تحيلُ النار المشتعلة في قلبي برداً وسلاماً فأخلد للنوم ولا ينتهي الأمرُ بي في زاوية الغرفة متكورةً على نفسي غائبةً عن الوعي إثر جرعة حنينٍ زائدة.





على يميني بعضُ الأوراق البكماء التي أمنحها حق الكلام حينما أكتبك لأعاود تكميمها ثانيةً برميها في مكانٍ مغلق.





العامُ الثالث لمعرفتي بك يوشكُ على الانتهاء وأنت كما عهدتك لا مبالٍ بي حتى أنه يخيّلُ لي أن قلبك مجبولٌ بماء الثلج.





نيراني المتقدة لم تفلح في إذابة بضعةٍ منك، محاولاتي في التسلل إلى قلبك توجّت بالفشل، آلاف السيناريوهات التي نسجتها في رأسي لم يقدر لها أن تكمل تخلُقها، بل اكتفت بكونها مادةَ خامٍ لحزني.





أنا لا أعلمُ كيف تتجلى صورتي في رأسك عند ذكرٍ عابرٍ لاسمي، ولكنني مؤمنةٌ أشد الإيمان أنّ أمري مفضوحٌ لك، وكيف لا وعيناي تشيان بذلك تتبعانك أينما رحلت وحللت، ألمحُ طيفك في غمرة بؤسي فأشعرُ بيدٍ خفيةٍ تجتذبني نحو قمم السعادة، أحاولُ غضّ الطرف عنك فيلتفتُ الأخرقُ قلبي، أنوي إتّباع مبدأ البنات الشهير "تصنعي الثقل" فأجدني ضربتُ به عرض الحائط ما إن يتناهى صوتك لمسمعي.





كيف لا يصلك همسُ قلبي وأنت تقنطُ به؟! كيف لا تلحظُ ارتجاف جسدي وتلعثمي بالكلام وتشردقي بالحروف حينما يرتبُ لنا القدر القدرُ لقاءً مفاجئاً؟!





أنت لا تدركُ رهبة حضورك فأنفاسي تفقدُ اتزانها ويتشابكُ زفيرها بشهيقها، كما أنني أحسُ لوهلةٍ أن حبالي الصوتية اعتزلت مهنتها فأقفُ أمامك صامتةً كمن حلّ بها خرسٌ مفاجئ، لا أستطيعُ أن أتخيل أنك لم تلحظ انسياب اللون الأحمر في وجهي واتساع حدقة عيني وازديادَ وهجها وبريقها عند رؤياك.





أنا حقاً لا أستوعبُ كيف سقطت منك كل تلك الأمور، هل كان ذلك عمداً أم سهواً؟! كما أنني أجهلُ طريقة احتلالك قلبي وتعلقك بنياطه حتى صار عليّ لزاماً حمايتك بشغافه.





أنت لا تعي مدى دمامة القرح الذي أحدثتهُ في روحي وكم من الشقاء الذي تلحقهُ بي كلما تجاوزت شيئاً منك فتعاود مجدداً اقتحام حياتي لأقع ثانيةً بكل ما أوتيتُ من وعي أسيرة ذلك الصراع المرير.





على أيّة حال لم يتبق الكثير لبزوغ الفجر وهذا يعني تكدس ليلةٍ أخرى تحت عينيّ بالإضافة لكثيرٍ من حفلات الألم التي ستقامُ في رأسي خلال ساعات النهار.





وأخيراً يا ليتني كنتُ قادرة على جعلك شاهداً لإحدى ليالي السهر الخانقة حتى تدرك فداحة ما يحصل إلا أن هذه الأمنية مستحيلةُ التحقق، وهذه الرسالة التي أكتبها كأخواتها سيحكمُ عليها بالموت هجراً في الصندوق الثالث.





المرسل: إحداهن.





روان ادريس


إرسال تعليق

1 تعليقات

  1. صراحتا ما كان عندي ايا فكره عن انك بترسمي كل هاد الجمال قرأت النص اكتر من مره وكل مره حس بأحساس مختلف الاحرف كلها الموجوده بهاد النص بتخطف كل المشاعر من يلي عم يقرأ
    انا بحلم يكون عندي هي الحنكه والصياغه للاحرف الاكثر من جميلة
    وبتمنى اقرأ كل شي عندك وكلشي رح تكتبي
    مودتي الك

    ردحذف